المشاركات الشائعة

السبت، 28 فبراير 2009

السلاح النووي الإسرائيلي يهدد العرب من البر والبحر والجو

حدث هذا في عام 1999 وبعد فشل الديبلوماسية العربية في الاعتراض على الحكومة الألمانية ودفعها إلى وقف تسليح "إسرائيل" بما يعزز تفوقها العسكري على جيرانها العرب ومساعدتها في تعزيز ترسانة أسلحتها النووية. وشاء القدر أن يتخلى يوشكا فيشر نائب المستشار ووزير خارجية ألمانيا في اليوم الذي وصلت فيه غواصتان ترفعان العلم الألماني إلى ميناء حيفا، عن ورقة التوت وكونه ينتمي لحزب الخضر فإنه خرج في هذا اليوم عن إيديولوجية الخضر التي كانت في الماضي تدعو إلى خفض التسلح. ما أن استقبل فيشر الغواصتان الألمانيتان في ميناء حيفا ووقف إلى جانبه الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمن الذي قاد الاجتياح الإسرائيلي ضد لبنان في عام 1978، حتى سارع أفراد البحرية الإسرائيلية في استبدال العلم الألماني بالعلم الإسرائيلي وباشروا بكتابة اسم كل غواصة.

كانت الغواصتان ضمن هدية من الحكومة الألمانية من أصل ثلاثة غواصات بعد أن استجابت حكومة المستشار السابق هيلموت كول لطلب "إسرائيل" بتزويدها بغواصات من طراز الدلفين التي تمتاز بسرعتها والإبحار في المياه الضحلة لكن ميزتها أيضاً أنها تستطيع حمل صواريخ نووية على متنها. تذرعت ألمانيا بعد اندلاع معارك حرب الخليج الثانية في عام 1991 بأن "إسرائيل" التي زعمت أنها تشعر بتهديد صواريخ سكود العراقية طلبت من ألمانيا، الممول الثاني للدولة العبرية بعد الولايات المتحدة الأميركية، تزويدها بأنظمة سلاح جديدة لردع أعداءها في المنطقة. لأن ألمانيا رفضت إرسال جنودها إلى حرب الخليج عام 1991 متذرعة بمعارضة الدستور الذي تم تعديله بعد عامين إلا أنها قدمت مساهمة مادية وعسكرية بلغت قيمتها سبعة عشر مليار مارك (8,5 ملايين يورو)

بعد وقت قصير على الاجتماع الذي تم في مقر المستشار كول وشارك فيه عن الجانب الإسرائيلي رئيس الموساد، أوكلت وزارة الدفاع الألمانية إلى شركة صنع السفن الحربية (هوفالد فيركي) في مدينة كيل الواقعة في شمال البلاد، للبدء في تصنيع ثلاثة غواصات من طراز الدلفين وأن تعمل شركة تيسين في تجهيزها. والجدير بالذكر أن اسم شركة تيسين ورد في صفقة دبابات فوخس المزودة بمختبرات تقفي أسلحة الدمار الشامل والتي باعت حكومة كول 36 منها إلى السعودية في العام المذكور.

وقد كلفت قيمة الهدية العسكرية التي قدمتها ألمانيا لإسرائيل رجل الشارع الألماني الذي يدفع ضرائب لخزانة الدولة، مليار ونصف مارك أي 750 مليون يورو. الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر كانا في صف المعارضة حين وعد كول الإسرائيليين بهذه الهدية وصدرت احتجاجات عن عدد من أعضاء البرلمان الألماني التابعين للحزبين لكن صوت المعارضة الألمانية كان ضعيفاً مثل الديبلوماسية العربية إذ بالكاد صدر احتجاج من حكومة عربية. رغم أن قانون تصدير الأسلحة الألماني كان في ذلك الوقت صارماً خاصة بما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط إلا أن حكومة المستشار كول خرجت عن كافة القوانين والمبادئ وأدارت ظهرها للشعار الذي نادى به كول أكثر من مرة: لن تنطلق حرب جديدة من أرض ألمانية.

في سبتمبر عام 1998 خسر كول الانتخابات العامة وخلفه الاشتراكي غيرهارد شرودر في السلطة على رأس ائتلاف طرفه الآخر حزب الخضر حيث تم تعيين المشاغب السابق يوشكا فيشر وزيرا للخارجية لكن سرعان ما تبددت شكوك "إسرائيل" بأن تعمل الحكومة الجديدة في بون بإلغاء قرار منحها غواصات تمتاز بحمل رؤوس نووية على متنها وقالت حكومة شرودر في معرض ردها على المحتجين: إن قرار حصول "إسرائيل" على هذه الغواصات صدر عن الحكومة السابقة. لم تكن هناك نوايا لدى حكومة شرودر/فيشر بأي حال إلغاء هذا المشروع الخطير أو تجميده راح كل شيء يجرى وفقاً للخطة حيث مارست الغواصات تدريباتها في مياه بحر الشمال قبل توجهها إلى ميناء حيفا.

في عام 1999 صدرت تحذيرات بأن تكون الغواصات الثلاثة قادرة على حمل صواريخ نووية كونها تمتاز بفوهات واسعة. منذ أيام يجرى الحديث في ألمانيا عن احتمال أن تكون "إسرائيل" عملت في إعادة تجهيز الغواصات الألمانية وأصبحت جاهزة لنقل صواريخ نووية وهذا ما أكدته صحيفة (لوس أنجيلوس تايمز) الأميركية يوم السبت الماضي نقلاً عن مصادر حكومية أميركية وإسرائيلية التي أكدت أن الخبراء العسكريين الإسرائيليين جهزوا غواصات الدلفين بصواريخ هاربون الأميركية وزودوها برؤوس نووية. ويأتي الكشف عن هذه المعلومات ليشكل صفعة جديدة لجهود السلام في الشرق الأوسط وبصورة خاصة لسياسة إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش تجاه نزاع الشرق الأوسط والتي لا يختلف اثنان على تحيزها الأعمى للدولة العبرية. وكذلك بعد وقت قصير على عودة المستشار الألماني غيرهارد شرودر من جولة شملت مصر والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة حيث دعا إلى حل نزاع الشرق الأوسط. غير أن مصداقية الرئيس بوش والمستشار شرودر أصبحت معرض نقاش بعد افتضاح أمر الغواصات التي حصلت عليها "إسرائيل" بصورة دعم عسكري أميركي ألماني مشترك.

غير أن الخطورة هنا تكمن كون انتشار خبر تزويد الغواصات الألمانية التي تملكها البحرية الإسرائيلية بصواريخ نووية يأتي أيضاً في الوقت الذي يجرى فيه وضع سيناريوهات إسرائيلية للقيام بتدمير المفاعلات الإيرانية. وذكرت مصادر في جهاز الموساد الإسرائيلي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون كلف الاستخبارات الإسرائيلية بوضع خطط لضرب إيران وأن أبرز سيناريو يقوم على قيام اثنا عشر مقاتلة حربية من طراز فانتوم 16 بالإغارة على المفاعلات الإيرانية وتدميرها بالكامل وهو العمل الذي يقول الموساد إنه صعب لكن بالإمكان إنجازه. كما تضغط الولايات المتحدة على إيران لإجبارها على وقف برنامجها النووي الذي تروج "إسرائيل" بأنه على وشك الاكتمال والبدء بإنتاج اليورانيوم المخصب، كذلك الاتحاد الأوروبي الذي هدد إيران بوقف المفاوضات الجارية حول إبرام اتفاقية في مجال التعاون التجاري والاستثمارات إذا رفضت التوقيع على بروتوكول ملحق بمعاهدة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل. وتحتاج إيران بصورة ملحة لهذه الاتفاقية كي يحصل اقتصادها على بعض الانتعاش. كما تخطط الولايات المتحدة لتصعيد نزاعها مع إيران في نشر شبكات لالتقاط الصواريخ النووية ضمن برنامج حرب النجوم الذي وضعته إدارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان في عدد من الدول الأوروبية وتوجيهها نحو إيران.

لم يأت النبأ مفاجأة لبرلين التي حذرت "إسرائيل" مراراً من استغلال المساعدات العسكرية الألمانية والعمل في إعادة تصنيعها وبيعها إلى دول أخرى وتطويرها. قبل سنوات قليلة علمت برلين أن "إسرائيل" تعمل سراً في إعادة تجهيز غواصات الدلفين تمهيدا لتمكينها حمل رؤوس نووية على متنها. وتقدمت جهات برلمانية محلية باستفسار إلى وزارة الدفاع الألمانية حول سبب لجوء "إسرائيل" لإعادة تجهيز الغواصات واستبدال فوهات توربيدو ذات الحجم العادي البالغ 533 ملم بفوهات أكبر منها 650 ملم وأجابت وزارة الدفاع: لا تستبعد الحكومة الألمانية أن يجري إعادة تجهيز الغواصات الثلاثة.

بوسع غواصات الدلفين الإبحار مسافة خمسة عشر ألف كلم والبقاء تحت الماء مدة تزيد عن أربعة أسابيع ويحمل كل منها عشرة صواريخ من طراز توربيدو وهاربون مزودة برؤوس نووية. وحسبما ذكرته صحيفة (لوس أنجيلوس تايمز) يبلغ مدى هذه الصواريخ المضادة للسفن مدى 130 كلم وقد زودتها "إسرائيل" برؤوس نووية لاستخدامها ضد أهداف في بلدان مجاورة. وقد عمل الخبراء في تصغير حجم رؤوس صواريخ هاربون كي يصبح بالوسع إطلاقها من فوهات غواصات الدلفين كما تم تعديل نظام تسيير الصواريخ. وتقول التقارير إنه منذ أن قامت إيران في مطلع التسعينيات بنشر صواريخ بعيدة المدى راح الجيش الإسرائيلي يعمل في تعزيز ترسانته النووية ونقلها إلى البحر كي تصبح موجهة قبالة السواحل الإيرانية. ويقول خبير عسكري ألماني إن نجاح عملية تجهيز الغواصات الألمانية بفوهات تنطلق منها صواريخ مزودة برؤوس نووية يجعل "إسرائيل" الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي بوسعها إطلاق صواريخ نووية من الأرض والجو والبحر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق