المشاركات الشائعة

السبت، 28 فبراير 2009

40 دولة تمتلك تكنولوجيا تصنيع قنبلة نووية!


صور تجربة تفجير قنبلة نووية

رفع إعلان كوريا الشمالية الأسبوع الماضي أنها أجرت تجربة نووية ناجحة، عدد الدول التي يعتقد أن لديها أسلحة نووية إلى 9 دول. إلا أن المسؤولين في المجال النووي يقدرون أن 40 دولة أخرى تملك القدرة التكنولوجية، وفي بعض الحالات، المواد المطلوبة، لصناعة القنبلة النووية. هذه القدرة، بالإضافة إلى القوى النووية الجديدة في آسيا والشرق الأوسط، تهدد بوقوع عصر نووي جديد، طبقا لما ذكره المتخصصون في مجال الحد من الأسلحة، موضحين أنه من المرجح أن تتخلى الدول عن القيود القديمة فيما يتعلق بالأسلحة النووية.

ومن المتوقع زيادة انتشار الأسلحة النووية مع مضاعفة اعتماد الدول على القوة النووية. وهو الأمر الذي يعني امتلاك المزيد من البلاد القدرة على صنع وقود المفاعلات النووية، أو بنفس المعدات وجهد أكبر قليلا، صنع وقود القنابل وهو أصعب جزء في المعادلة النووية.

والأدلة على تزايد النشاطات النووية كثيرة ومتعددة. فمئات من الشركات تنقب عن اليورانيوم الآن بينما لم يكن العدد يزيد على عشرات قبل سنوات. وتعد كل من الأرجنتين واستراليا وجنوب إفريقيا برامج لتخصيب اليورانيوم، بينما تفكر بعض الدول الأخرى في الشيء ذاته. وقررت مصر إحياء برنامجها لتطوير الطاقة النووية.

وأدت المخاوف من تلك التطورات بوكالة الطاقة الذرية إلى دعوة مئات من المسؤولين الحكوميين والخبراء من جميع أنحاء العالم إلى مؤتمر في فيينا في سبتمبر (أيلول) الماضي لمناقشة تشديد القيود على من يسمح له بإنتاج الوقود النووي. وأوضح سام نان الاختصاصي في انتشار الأسلحة النووية والسناتور الديمقراطي السابق في الكونغرس الاميركى أن «هذه المخاطر عاجلة. نحن في سباق بين التعاون والكارثة، وفي تلك اللحظة فإن النتيجة غير واضحة». ولكن حتى وكالة الطاقة الذرية نفسها مسؤولة عن بعض التوتر المنتشر في تطوير الطاقة النووية.

فلعدة عقود اتبعت الوكالة الترويج لطاقة نووية آمنة عن طريق عقد برامج مساعدات تقنية لمئات من البلاد. وبعض هذه المعلومات يمكن أن تكون مفيدة في برامج التسلح، وإن كان هدف المساعدات هو الاستخدام المدني فقط. ولا تزال الوكالة تساعد باكستان، التي فجرت قنبلة نووية في عام 1998. كما أنها ساعدت كوريا الشمالية حتى عقد مضى. كما أنها تساعد اليوم إيران، التي يعتقد العديد من الخبراء أنها قريبة من التوصل إلى أساسيات صناعة قنبلة نووية. ويوجد 14 برنامجا للتعاون النووي مع إيران، بما فيها دراسة تطوير مختبر للأبحاث النووية، بالإضافة إلى مساعدتها في مشروع «مفاعل بوشهر». وقد أدى الاختبار النووي الذي أجرته كوريا الشمالية إلى إثارة تساؤلات جديدة عما إذا كانت آسيا هي أول من سيشعر بـ «تأثير الدومينو» حيث تقوم بعض الدول، في إطار حماية نفسها، بتجميع كل التقنيات اللازمة لصناعة القنبلة النووية، أو تصنع القنبلة لتنضم إلى الدول المالكة للسلاح النووي. وفي الشرق الأوسط، أدت المواجهة مع إيران إلى ظهور طموحات دول أخرى بالمنطقة لتطوير برامج نووية، خشية تحول طهران إلى القوى العظمى في المنطقة. ويقدر محمد البرادعي المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الدولية أن 49 دولة تعرف كيفية صناعة الأسلحة النووية، وحذر من أن التوتر العالمي يمكن أن يدفع بعضها لصناعة السلاح النووي. ويقول جورج آسي نائب رئيس تطوير الأعمال في كاميكو أكبر شركة مساهمة في العالم لتجارة اليورانيوم ومقرها كندا أن «تجدد الاهتمام النووي في تزايد». وفي لندن ذكرت الجمعية النووية العالمية أن 28 مفاعلا نوويا جديدا تحت البناء في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى 62 تحت التخطيط و160 مفاعلا مقترحا، معظمها في آسيا. وتقدر كميات اليورانيوم المطلوبة لتلك المفاعلات بـ 65 ألف طن. وبينما لا يزال غامضا ما إذا كان توسع البنية الأساسية للطاقة النووية المدنية ستؤدي إلى زيادة عدد الدول التي تصنع الأسلحة النووية، فإن ذلك يمكن أن يمنح المزيد من الدول الوسائل للقيام بذلك.

من المدنية للعسكرية!

12 مليون إنسان يموتون إذا استخدموا السلاح النووي!

وتوجد طريقتان لتحويل التقنية المدنية إلى استخدام نووي. أولها هي تخصيب وقود اليورانيوم من المستوى العادي الذي لا يزيد عن 5 في المائة للمفاعلات إلى 90 في المائة، وهي النسبة المطلوبة لبناء القنبلة، وهي خطوة تتطلب عملية تخصيب أطول في أجهزة الطرد المركزي. أما الطريقة الثانية تحويل التقنية النووية من الاستخدام السلمي للعسكري، فهي اخذ الوقود المستنفد واستخدام البلوتونيوم الموجود به، وهو الوقود الرئيسي الآخر لتصنيع قنبلة. فالمؤسسة العسكرية البرازيلية على سبيل المثال، تبذل جهدا كبيرا منذ عدة عقود لتطوير أجهزة طرد مركزي لتخصيب وقود اليورانيوم لبناء القنبلة، وهو برنامج سري شجبته في التسعينات. وفي شهر مايو (أيار) الماضي، افتتحت البرازيل، بالرغم من الضغوط الدولية للتخلي عن إنتاج الوقود النووي، أول مجمع لتخصيب اليورانيوم. وهو مجموعة من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في رسندي في ولاية ريو دي جانيرو. وفي الوقت الذي أثارت فيه إيران الشكوك لإنشاء مفاعل مماثل، فإن البرازيل تمكنت من طمأنة الدول الأخرى، ووكالة الطاقة الذرية الدولية بأن هدفها سلمي.

ويصعب تقدير حجم قطاع الصناعات النووية. وبالرغم من ذلك، فإن التكهنات هائلة. فقد ذكر هانز هولغر روغنر وهو خبير اقتصادي في وكالة الطاقة الذرية الدولية، أن العديد من التقديرات بالنسبة للقرن الواحد والعشرين، تشير إلى توسعات أكبر من عدد المفاعلات النووية المقامة حالية التي يصل عددها إلى 443 مفاعلا. وأوضح الدكتور روغنر «وصول عدد المفاعلات إلى 5 آلاف هو تقدير يدخل ضمن إطار عديد من الدراسات طويلة المدى. يبدو أن هناك سباق ولا أحد يرغب في البقاء وحيدا».

اليابان وكوريا الجنوبية

وبعد يوم من التجربة النووية لكوريا الشمالية، تعهد رئيس وزراء اليابان الجديد شينزو ابي بعدم التخلي عن التزام اليابان برفض وعدم امتلاك أسلحة نووية، وهو حجر الزاوية في السياسة الخارجية اليابانية منذ إلقاء أميركا قنبلتي نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي. ولكن بالرغم من ذلك، فإن اليابان تملك كل عناصر بناء أسلحة نووية. فلديها أطنان من البلوتونيوم المستنفد من مفاعلاتها، طبقا لتقرير حكومي قدم في عام 2004 لوكالة الطاقة الذرية. وتجدر الإشارة إلى أن قنبلة نووية صغيرة لا تحتاج لأكثر من 10 أرطال.

واليابان هي المثال الأفضل «للبديل النووي»، فهي دولة يعرف العالم انه يمكنها أن تصبح دولة نووية بين عشية وضحاها إذا ما قررت ذلك. وقال روبرت غالوتشي المفاوض الأميركي السابق مع كوريا الشمالية وعميد كلية الخدمة الخارجية في جامعة جورجتاون الاميركية «يمكن أن يصبحوا في مرحلة متقدمة للغاية تجاه الردع، بدون انتهاك أية معاهدات نووية دولية».

وقد تعهدت كوريا الجنوبية أيضا بعدم السعي لأسلحة نووية. ولكنها لديها شبكة واسعة من المفاعلات النووية، ومنذ عدة سنوات عثر مفتشو وكالة الطاقة الذرية الدولية على أدلة على تجربة غير معلنة ليورانيوم عالي التخصيب. وفي أوائل التسعينات وقعت كوريا الجنوبية اتفاقية للحفاظ على الخليج الكوري خاليا من الصناعات النووية – إلا أنها وقعتها مع كوريا الشمالية.

الشرق الأوسط

أما الاهتمام الإيراني النووي فقد أدى إلى انتشار القلق من احتمال تعرض الشرق الأوسط إلى ضغوط مماثلة. ففي المنطقة يعتقد أن إسرائيل هي الوحيدة التي تملك أسلحة نووية، بالرغم من أنها لم تؤكد ذلك أبدا. وإذا ما تمكنت إيران من بناء أسلحة نووية، فهناك مخاوف من أن القوى الأخرى في المنطقة ستحاول بناء قنابلها النووية.

ومصر، التي حاولت منذ زمن بعيد بناء أسلحة نووية، ربما بدأت في إعادة التفكير في موقفها السابق. ففي عام 1998 صدمت التجارب النووية للهند وباكستان القاهرة. وقال روبت اينهورن المسؤول الكبير السابق في مجال حظر انتشار الأسلحة النووية في وزارة الخارجية الاميركية «إن قادة مصر وضعوا رهانهم لمصلحة الشرق الأوسط وابتعاد العالم عن الأسلحة النووية. غير أن ذلك كان إشارة مقلقة إلى أن الحركة تسير في الاتجاه الآخر».

وقد كشفت وكالة الطاقة الذرية الدولية مؤخرا على أن مصر تحتفظ ببعض جهودها القديمة والجديدة في سرية، ويشمل ذلك مشروعا مستمرا للحصول على خام اليورانيوم من صحراء سيناء. وفي شهر سبتمبر (ايلول) الماضي، أعلنت القاهرة خطة لإحياء برنامجها المتوقف لإقامة مفاعلات نووية من اجل الطاقة النووية. ولم تقدم أية إشارة عما إذا كانت، مثل إيران، تنوي إنتاج وقود للمفاعلات بنفسها. والسؤال المطروح الآن هو عما إذا كان الاختبار النووي لكوريا الشمالية، وتحدي إيران، سيؤديان الى تغيير المعادلة. ويوضح ماثيو بن من مدرسة كنيدي للشؤون الحكومية في جامعة هارفارد الذي يتابع انتشار التقنية النووية «عندما تحصل دول إضافية على القنبلة لا يؤدي ذلك إلى خلق ضغوط جديدة. ولكن كل دولة حالة خاصة وهناك خطورة بسيطة من ان الدومينو سيسقط بسرعة، ولاسيما اذا ما اتخذنا خطوات لمنعه».

وعندما تجمع خبراء الشؤون النووية في فيينا في شهر سبتمبر (ايلول) لمناقشة قواعد جديدة للعصر النووي الثاني، كانت الإجراءات ناجمة عن الخوف من أن بعض القيود القديمة – التكنولوجية والسياسية – أصبحت ضعيفة. والاقتراح الرئيسي المطروح للنقاش في مقر وكالة الطاقة الذرية يبدو بسيطا: يجب عدم السماح للدول بتطوير وسائلها الخاصة لتخصيب اليورانيوم من اجل وقود المفاعلات، وهو الأمر الذي ادعت إيران وبعض الدول الأخرى انه من حقها طبقا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وبعد أربعين سنة من التوصل للمعاهدة، تبدو المخاطر هائلة. وتمضي وجهة النظر المطروحة للنقاش، إن البديل هو تجمع الدول معا من اجل بنك متعدد الجنسيات للوقود النووية حيث يمكنهم مراقبة بعضهم البعض، والتأكد من عدم تحويل أي وقود لبناء القنابل.

ويوضح سيرجي كيرينكو مدير وكالة الطاقة الذرية الفيدرالية الروسية «التهديد قائم. ونفهم أن هذه الحلول فقط التي يتم التوصل إليها معا، التي ستضمن حق كل الدول اليوم، هي التي ستنجح».

وقد اتخذت روسيا المبادرة، فقد اقترحت تأسيس بنك للوقود النووي ستقيمه على أراضيها في العام القادم – والذي يمكن أن يحقق لها مليارات الدولارات من مبيعات الوقود النووي. ولكن الخطوة الهامة كانت قرار وران بوفت الملياردير الأميركي واحد رجال الخير تبرعه بخمسين مليون دولار لإنشاء بنك للوقود النووي تديره وكالة الطاقة الذرية الدولية، وهو ما يجعل الأمم المتحدة «الملاذ الأخير» لأي دولة تفكر في إنتاج وقودها الخاص. وقد أيدت إدارة جورج بوش خططا مماثلة.

ولكن بالرغم من الاتفاق على المشكلة، فإن الحلول تعرقلت بسبب الجدل – من الدول التي تملك أسلحة نووية التي تريد الحفاظ على قدراتها، ومن الدول النامية التي تشتم رائحة مؤامرة لحرمانها من نفس الحقوق النووية التي استمتعت بها الدول الكبرى لسنوات عديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق