المشاركات الشائعة

السبت، 31 يناير 2009

مخاطر المنشآت النووية الإسرائيلية

كما هي الحال بالنسبة إلى سائر البرامج النووية في مختلف أنحاء العالم، ترتبط المنشآت النووية في إسرائيل بطائفة من المخاطر التي تهدد سلامة البيئة وصحة البشر. ولا بد من الإشارة إلى أن المخاطر تنطبق على الإمددات النووية الثابتة، ولا سيّما المفاعل ومنشآت إعادة المعالجة في ديمونة، وأيضاً على عمليات نقل ومعالجة وتعبئة الرؤوس الحربية النووية، في البحر كما على اليابسة.

نناقش في ما يلي الأخطار المرتبطة بالمنشآت النووية الرئيسة في إسرائيل. كذلك نعرض بإيجاز لتأثيرات أي ضربة عسكرية، علماً بأن المستوى العالي الذي تتميّز به قوات الدفاع الجوية وغيرها من أجهزة الأمن قد يجعل من الصعب توجيه أي ضربة عسكرية ناجحة إلى المنشآت الإسرائيلية.

مركز ناهال سوريك للأبحاث النووية

الموقع: يقع مركز ناهال سوريك للأبحاث النووية بالقرب من بلدة يافني Yavne التي تقع على بعد 30 كيلومتراً من جنوبي تل أبيب ويبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة. يتشارك المركز منطقة أمنية مع القاعدة الجوية بلماخيم. وقد بدأ تشغيل المفاعل في الموقع منذ العام 1960، وهو يخضع لبروتوكولات الحماية الخاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية.

المخاطر المحتملة: يكمن الخطر الأبرز في الموقع في قلب مفاعل الأبحاث، وفي المواد الانشطارية الإضافية المتوافرة ربما في الموقع.

احتمالات وقوع الحوادث: يشكل الحادث السيناريو المرجّح، لا سيّما بفعل قدم المنشأة.

وفي حين من المستبعد أن يتعرض الموقع لضربة عسكرية، من المعروف دولياً أن مركز ناهال سوريك يشكل مركز عمليات التطوير والأبحاث على الأسلحة النووية في إسرائيل، ما يجعله بالتالي هدفاً لأي ضربة عسكرية تستهدف برنامج إسرائيل النووي.

انعكاسات الحوادث: باعتبار أن المفاعل يتميّز نسبياً بقدرة متدنية، من المستبعد أن يقع حادث ينطوي على انفجار قوي كفاية لإطلاق جزيئات انشطارية في الهواء. لكن في المقابل، قد ينبعث أي من النظائر المشعة التي يتم إنتاجها في المفاعل. وفي حال انبعاث اليود المشع، يُطلب إلى الأفراد التزام منازلهم أو حتى إخلاء المنطقة على امتداد كيلومترات عدة من المصنع. وقد تستوجب الحالة أيضاً توفير أقراص يودات البوتاسيوم بكميات كبيرة للحد من بعض التأثيرات الطويلة الأمد، علماً بأن التقارير الإعلامية تشير إلى أن هذا قد حدث فعلاً.

في حال تعرض الموقع لضربة عسكرية، يمكن أن تكون الأضرار بالغة الحدة وتشمل المناطق السكنية المجاورة، الأمر الذي يستوجب حتماً اتخاذ إجراءات مضادة كتوفير أقراص يودات البوتاسيوم والملجأ الآمن والإخلاء. أما حجم الإجراءات المضادة، فتحدده الظروف المسيطرة يوم وقوع الحادث. لكن باعتبار أن الموقع يبعد فقط 30 كيلومتراً عن تل أبيب، قد يكون من الضروري البحث في التأثيرات على سكان تل أبيب أيضاً.
مركز النقب للأبحاث النووية (ديمونة)

الموقع: تقع منشأة ديمونة في صحراء النقب على بعد 10 كيلومترات تقريباً من مدينة النقب التي يبلغ عدد سكانها نحو 34 ألف نسمة وتبعد 40 كيلومتراً عن الحدود الأردنية.

تشير المصادر الدولية إلى أن الغرض من منشاة ديمونة يتمثل بتصنيع أسلحة نووية. لكن إسرائيل ترفض أن تؤكد هذا الخبر أو تنفيه علناً.

المخاطر المحتملة: ترتبط مخاطر إشعاعية وكيميائية هامة بمنشأة ديمونة. والواقع أن الخطر الإشعاعي الأبرز يكمن في قلب المفاعل، علماً بأن الوقود المستنفد، والبلوتونيوم الذي يتم فصله وتخزينه في الموقع، والنفايات، تنطوي هي أيضاً على مخاطر جدية. هذا وتنشأ أخطار كيميائية جدية عن اليورانيوم المخصب المصنّع في الموقع وعن اليورانيوم الطبيعي المستخدم للوقود.

احتمالات وقوع الحوادث: يبدو أن السيناريو المرجّح يتمثل بوقوع حادث في المفاعل أو تسرب النفايات النووية. وفي قصة تصدّرت الصحيفة اليومية الأكثر شعبية، صرّح أحد كبار العلماء السابقين في ديمونة، ويُدعى يوزي أفين Uzi Even، بأن المفاعل خطير وغير آمن، ومن الضروري تعطيله. كذلك أشار أفين إلى أنه يتم في العادة تعطيل المفاعلات التي يتقدم بها العمر إلى هذا الحد، مضيفاً أن مفاعل ديمونة كان يعمل بقدرة تفوق تلك المخطط لها، ما يعني تسارع مسار عمره الزمني.

انعكاسات الحوادث: قد يؤدي أي حادث يرتبط بمعدل عالٍ من الطاقة، وتحديداً الحادث الذي ينطوي على انفجار قوي كفاية لتشتيت البلوتوينوم من المفاعل أو من منشأة إعادة المعالجة إلى الانعكاسات الأشد خطورة. ولا بد من الإشارة إلى أن تشتت البلوتونيوم رهنٌ بحالة الرياح واتجاهها يوم وقوع الحادث. لكن بصورة عامة، يكون انبعاث اليورانيوم من الموقع مرتفع السميّة بالنسبة إلى الأفراد المتواجدين في محيط المنشأة، ما يؤدي إلى تضرر الأعضاء الداخلية، ولا سيّما الكلى، ويعزز مخاطر إصابة الأفراد المتضررين بالأمراض السرطانية والتشوّهات الخلقية الأخرى. وربما يقع حادث مرجّح أكثر إنما لا يقل خطورة، ينطوي على تسرّب المواد المشعة من الموقع أو اندلاع حرائق ينبعث في سياقها البلوتونيوم التلقائي الالتهاب والعالي النشاط المخزّن في الموقع.

هذا ولا شك في أن قِدم المفاعل يثير مخاوف جدية، سيّما وأن بعض الدراسات يشير إلى أن أي "ذوبان" في موقع ديمونة قد يمتد بتأثيراته إلى دائرة يبلغ شعاعها 400 كيلومتر جوي، ويطال قبرص والأردن والأراضي الفلسطينية. فضلاً عن ذلك، أفادت دراسة أجرتها السلطات الأردنية نزولاً عند طلب السلطات الفلسطينية لشؤون البيئة بأن ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية في أوساط السكان في المناطق المجاورة، ولا سيّما أولئك الذين يعيشون في مدينة طفيلة الأردنية، يُعزى إلى مواد إشعاعية تتسرّب ربما من مفاعل ديمونة.

وجدير بالذكر أيضاً أن العمال في ديمونة والمقيمين في جوارها أعربوا عن توجسهم من تلوّث مصدره المنشأة. أضف أن عدم توافر المعلومات يشكل عقبة، سيّما وأنه يترافق مع عجز العمال الفعلي عن مناقشة كامل المهام التي يتولونها في سياق وظائفهم وأنواع المواد الكيميائية والإشعاعية التي تعرضوا لها، وذلك لأسباب أمنية. لكن الأبحاث الطبية تبيّن أن العمال الذين اضطلعوا على مر وقت طويل نسبياً بوظائف تقنية أو تفتيشية، يعانون معدلات أعلى من الإصابات بداء ابيضاض الدم والأورام اللمفاوية وأورام المعدة والدماغ.
لا شك في أن السلطات قد عكفت على اتخاذ بعض الإجراءات للحوؤل دون تأذي المواطنين في حال وقوع أي حادث. ففي العام 2004 مثلاً، جرى توزيع أقراص اليودات على المواطنين الذين يقيمون في محيط المفاعل ليستخدموها في حال وقوع حادث في المصنع من أجل معالجة تأثيرات اليود المشع الذي ينبعث في خلال الحادث.

حيفا

الموقع: تشكل حيفا القاعدة البحرية الإسرائيلية الرئيسة. وتتمركز في ميناء حيفا ثلاث غواصات دولفن ألمانية الصنع تعمل بمحركات الديزل. وتشير التقارير إلى أن هذه الغواصات قادرة على إطلاق صواريخ كروز المزوّدة برؤوس حربية نووية. وبالتالي، تمتلك إسرائيل إمكانات نووية في البحر والجو وعلى اليابسة. كذلك تُعتبر حيفا التي يزيد عدد سكانها عن ربع مليون نسمة مركزاً للصناعات الكيميائية والبتروكيميائية.

المخاطر المحتملة: قد تنشأ المخاطر الأساسية، بعيداً عن الاستخدام الفعلي للأسلحة النووية، عن أعمال الصيانة أو النقل أو عن حادث يقع في خلال قيام الغواصة بدورية في حال كانت الغواصة تحمل صواريخ كروز المزوّدة برؤوس نووية.

احتمالات وقوع الحوادث: لا شك في أن الحوادث تقع، وخير مثال على ذلك حادثة الاصطدام التي وقعت مؤخراً بين غواصة أميركية تعمل بالطاقة النووية وناقلة نفط في جنوب مضيق هرمز الذي يفصل شبه الجزيرة العربية عن إيران. لكن مصدر الخطر الأكبر يبقى اندلاع حريق يطال المواد الانشطارية في الرأس الحربي. وقد يتفاقم هذا الخطر في حال انفجرت المواد التقليدية ذات القوة التفجيرية العالية بفعل قوة الارتطام. وفي حال الصاروخ، يمكن أن يزداد الحادث سوءاً بفعل احتراق الوقود الدفعي السائل والصلب.

انعكاسات الحوادث: البلوتونيوم تلقائي الالتهاب، كما أنه قد يحترق في مثل هذه الظروف على الفور ويولِّد سحابة مشعة سامة من جزيئات البلوتونيوم التي يمكن أن تلوّث منطقة واسعة باتجاه الريح. أضف إلى ذلك أن الأسلحة النووية التي تضيع في البحر تشكل هي أيضاً خطراً بيئياً طويل الأمد. فالأسلحة النووية التي تُتلف بفعل الضغط في أعماق البحار يمكن أن تطلق بسرعة محتوياتها المشعة. وفي أفضل الأحوال، سيؤدي التآكل الطويل الأمد إلى انبعاث تدريجي للمواد الإشعاعية التي تنتقل إذ ذاك إلى السلسلة الغذائية البحرية، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى انعكاسات يمكن قياسها على البشر.

يتبع…………………………………………………………………………………………………………………

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق